تحدثت بالأسبوع
الماضي عن أهمية التفرقة بين المشكلات الناشئة عن الفساد و الأخرى الناشئة عن
الكفاءة، للوصول إلى تشخيص سليم و حلول ملائمة.
و كنت قد أكدت على
أنه ليس كل خطأ نتيجة للفساد، و لكن هناك مشكلات إدارية عديدة منها مثلا، تدني
الكفاءة (efficiency).
اليوم أود الحديث
عن إحدى الحلول الإدارية الجوهرية لتحقيق الكفاءة داخل المنظمات (سواءا كانت حكومية
أو خاصة)، و تتضمن أنظمة مقاييس الأداء (performance
measurement systems).
تبنى مقاييس الأداء
على ضوء الأهداف و النتائج التي ترغب المنظمة في تحقيقها، و تعطي الإدارة أداة
هامة لمتابعة و معرفة مدى توافق العمل اليومي (أداء الموظفين)
مع النتائج المخططة
و الأهداف الموضوعة مسبقا. و الجدير بالذكر، أن التخطيط السليم
يعد حجر أساس لأي منظمة تسعى إلى الإستمرارية، و أي تنظيم لا يسير وفقا لعمل مخطط
و نتائج محددة مسبقا، قد يتحول إلى بيئة خصبة لانتشار الأخطاء و تدني الأداء و
بالطبع تفشي الفساد.
و بعد التخطيط
الجيد و وضوح النتائج المستهدفة، يمكن أن تلعب مقاييس الأداء دورها في جمع
المعلومات (الرقمية و غير الرقمية)
التي تستخدم لقياس
مدى تقدم العمل اليومي مقارنة بالنتائج المستهدفة.
و لتصور طريقة عمل
مقاييس الأداء، يمكن النظر إلى استراتيجية “تطوير”
التي اعتمدتها
وزارة التعليم لإصلاح التعليم العام. فقد حددت الاستراتيجية بوضوح الأهداف و
النتائج التي تريد أن تصل إليها بشأن تطوير المدارس في خلال عدد من السنوات (٢٠١٢-٢٠١٩)، و ذلك بعد دراسة
مستفيضة غطت مشكلات المرحلة الحالية و تحديات المرحلة المقبلة.
و لم تغفل
الاستراتيجية عن إدراج عدد من مقاييس الأداء التي تمكن المسؤولين من متابعة و قياس
مستوى الانجاز (النتائج الفعلية)
مقارنة بما هو مخطط
ضمن الاستراتيجية. على سبيل المثال، أحد أهداف الخطة هو
تحسين أداء الطلاب في اللغة العربية و توظيفها، و المقاييس التي أدرجتها للتأكد من
تحقق ذلك الهدف تشمل: مستوى التحصيل الدراسي، معدل القراءة
الحرة و القراءة للمتعة، اختبار القدرات في اللغة العربية، معدل الكتابة الإبداعية
و التدوين، و ترتيب المملكة في اختبارات بيرلز (PERILS).
و ليس الهدف من تلك
المقاييس هو دعم المسؤولين بالمعلومات حول مدى نجاح تطبيق الخطط فحسب، و إنما أيضا
مساعدة الموظفين (إداريي المناطق و المعلمين)
للتعرف على الأداء
المتوقع منهم وفقا للاستراتيجية.
بمعنى آخر، توفر
تلك المقاييس قناة يدرك من خلالها المعلمين مهامهم، مسؤولياتهم، و مدى تقدم
إنجازهم مقارنة مع ما هو متوقع منهم وفقا ل ”تطوير”
و ذلك عبر تقييمات
و تقارير الأداء التي يستلمونها دوريا. فمستوى تحصيل الطلاب الدراسي و نتائجهم
في اختبارات القدرات يوفران للمعلمين بعض الأدوات التي تمكنهم من معرفة جوانب
القصور في الأداء كي يعملوا على تحسينها مستقبلا.
إن تحقق التكامل
بين الخطط و بين الإنجاز الفعلي (اليومي)
هو أحد أهم الوسائل
التي يتم من خلالها تحسين الأداء و رفع الكفاءة.
و حينما تضيق
الدائرة الحكومية السبل أمام الانحرافات في الأداء و تصحح الأخطاء فور حدوثها،
فذلك سيجلب تكبيلا أثقل للأيدي المفسدة و يكشف المقصرين و يمكن من محاسبتهم.